كيمياء أنسجة نظري



مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وبعد.

 

        إن منهج كيمياء الأنسجة يهدف إلى دراسة المحتوى الكيميائي للأنسجة المختلفة وربطه بتركيبه الجزيئي، والوظيفة الفسيولوجية الخاصة به مع توضيح ميكانيكية التفاعل المستخدمة للكشف عن محتواه الكيميائي .وقد أصبح علم كيمياء الأنسجة في وقتنا الحالي مع تقدم التقنيات والأجهزة الحديثة موازياً ومضاهياً لعلم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية بل ومعتمداً في الحصول على تفسيرات للنشاطات البيولوجية ، خاصة في حالات الأنسجة المرضية وذلك عن طريق تحديد أماكن محتواها الكيميائي الطبيعي وما يطرأ على هذا المحتوى من تغيرات في الحالات المرضية.

 

        ويمكن اعتبار أن هذا المنهج بدأ دراسته سنة 1800م على هيئة أبحاث قليلة وقصيرة تبحث فقط في الشكل المورفولجي (الشكل الخارجي) لتركيب أنسجة الجسم ،حتى عام 1830م أصبحت كيمياء الأنسجة كعلم من علوم الأحياء الأساسية ولكنه كان محدداً داخل أنسجة النباتات فقط. وفي عام 1872م قسم علم كيمياء الأنسجة إلى قسمين :

·        قسم اهتم بدراسة تركيب المحتوى الكيميائي وعلاقته بالوظيفة .

·        أما القسم الآخر اهتم بدراسة المحتوى الكيميائي وعلاقته بالكيمياء الحيوي .

 

مع بداية القرن التاسع عشر بدأ اهتمام الباحثين علماء كيمياء الأنسجة بالصبغات المختلفة لتوضيح المحتوى الكيميائي النسيجي في أنسجة الجسم المختلفة، حيث ظهر العالم ليسون Lisson  1936م الذي أصدر كتاب علم كيمياء الأنسجة الحيوانية  of Animals Histochemical  ، بعد ذلك ظهر العالم جليك Glickعام 1952م وأصدر كتاب تقنية الأنسجة الحيوانية Techniques of Animals Histology الذي احتوى على العديد من الطرق المختلفة المتبعة في البحث عن المحتوى الكيميائي باستخدام صبغات محددة، ثم جاء العالم بورن Bourn عام 1953م الذي أصدر كتاب Functional Histology ويبحث هذا الكتاب عن وظيفة الأعضاء بالنسبة لتركيبها النسيجي ولذلك كان يبعد كل البعد عن دراسة كيمياء الأنسجة ، وظهر بعد ذلك عام 1961م أهم الكتب في علم كيمياء الأنسجة وهو كتاب بيرز Pears والذي يعتبر المرجع الأساسي لعلم كيمياء الأنسجة حتى وقتنا الحالي.

   

        أما بالنسبة لدراسة الإنزيمات بطريقة كيمياء الأنسجة فقد بدأت منذ عهد بعيد أي منذ القرن الثامن عشر حيث كان العالم بيل Bealعام 1861م هو أول من استعمل الكشف عن الإنزيمات في مجال كيمياء الأنسجة وذلك بإضافة إفراز معدي على أنسجة المعدة ومن ثم صبغها بصبغات حيوية ، ولم يظهر أي تفاعل لعدم وجود لون للصبغة الحيوية المستخدمة نتيجة هضم المحتوى الكيميائي من النسيج المعدي.

ثم جاء بعده العالم كليب Kleb عام 1868م الذي أثبت وجود إنزيم البيرأوكسيديز داخل الخلية الحيوانية الحية ويعتبر هذا الإنزيم مهم في عملية الأكسدة ، وجاء بعد ذلك العالم إيرليخ Irlikh عام 1885م الذي أثبت وجود إنزيم السيتوكروم أوكسيديز بحقن مادة الفينول الكبريتي إلى الحيوان وهو حي حيث ظهر مادة الفينـول الأزرق في مكـان وجـود مـادة السيتـوكـروم أوكسيديز وعـرف هذا التـفاعل بتفاعـل ناد

(Nad Reaction) ، ثم جاء بعد ذلك العالم راسبيل Raspil عام 1963م الذي اكتشف تفاعل الأيودين على النشا النباتي وقد أظهر هذا العالم تفاعلات عديدة خدمت مجال كيمياء الأنسجة ومنها طرق الكشف عن الكربوهيدرات والبروتينات والإنزيمات في الأنسجة الحية . 

 

        ظهر بعد ذلك عملية متقدمة في الصباغة الخاصة بالأنسجة في الجسم وهي صباغة الأنسجة الحية وتعرف بالصبغة الحيوية Vital Stains وتتم عن طريق حقن المادة الصبغية لجسم الكائن الحي داخل النسيج المراد فحصه وصباغته مثل صباغة النسيج الدهني المتوضعة في النسيج الخلالي تحت طبقة الجلد مباشرة وتسمى في هذه الحالة الصبغة بالصبغة الحيوية الداخلية "Intra Vital Stains" وهناك الصبغة الحيوية الخارجية " Supra Vital Stains"  وفي هذه الحالة تؤخذ عينة صغير من النسيج المراد فحصه وتصبغ خارج الجسم .

 

        وتوالت بعد ذلك الأبحاث لدراسة كيفية إتحاد هذه الصبغات الخاصة مع التراكيب النسيجية المختلفة بالجسم ، حيث علل بعض الباحثين حدوث امتصاص لهذه الصبغات عن طريق خلايا الجسم ، وآخرون عللوا أنها عملية تحلل كيميائي بحتة تحدث في النسيج نتيجة تأثير الصبغة ، إلا أن جاء العالم مان Mann الذي عرف هذه العملية وذكر أن هذه الدراسة هي تحديد للشكل المورفولوجي لهذا النسيج يليه كيفية توزيع وتوضع المواد أو المحتوى الكيميائي داخل هذه الأنسجة .   

 

  

 


آخر تحديث
7/30/2008 2:17:02 AM